" " شيركو حبيب في زيارة للتاريخ.. اتفاقية 11 آذار 1970 أساس للشراكة في العراق
recent
عاجل
الصفحة الرئيسية

شيركو حبيب في زيارة للتاريخ.. اتفاقية 11 آذار 1970 أساس للشراكة في العراق

 



تمر اليوم الذكرى الـ 55 لإبرام اتفاقية آذار / مارس عام 1970 بين الحكومة العراقية والقيادة السياسية الكردية بقيادة الزعيم الخالد مصطفى بارزاني، بعد كفاح مسلح ونضال من قبل الشعب الكردي وقيادة الحزب الديمقراطي تحت إدارة الأب الروحي للشعب الكردي البارزاني الخالد.


تلك الاتفاقية التي أدت إلى إيقاف القتال والدمار في كردستان العراق، بعد الهجمات التي كانت تشن من قبل السلطات في بغداد، رغم أن الزعيم الكردي كان يلجأ إلى المفاوضات داعيا لعدم إراقة دماء العراقيين، وكان يقبل التفاوض من موقع القوة عكس النظام كلما شعر بالانهيار العسكري والفشل في الهجمات كان يطلب المفاوضات، فالزعيم بارزاني كان مؤمنا بالسلام والعيش المشترك بين كافة العراقيين، وكان يطالب بدولة ديمقراطية مدنية، لذا نرى عند تأسيسه الحزب الديمقراطي الكردستاني عام 1946 رفع شعار "الديمقراطية للعراق" لإيمانه بأن أي بلد ديمقراطي يتم فيه حل الخلافات والمشاكل ويحترم فيه اختلاف وجهات النظر ويكون التعايش بالتفاهم والحوار.


‎كانت اتفاقية آذار واحدة من ثمار ثورة أيلول التي اندلعت في العام 1961 ضد الظلم والطغيان، في مواجهة انحراف بعض قادة ثورة 14 تموز –يوليو 1958 عن مسارها الحقيقي، حيث بدأت بزج المواطنين في السجون واستعمال لغة القوة والقصف ضد كردستان.


‎خلال هذه الثورة أنجزت قوات بيشمركة كردستان العديد من الانتصارات تلو الانتصارات رغم الفرق الكبير في مستوى التسليح والعتاد لصالح النظام، وتقديم الخبرة والمشورة من قبل خبراء أجانب للسلطات في بغداد، حيث كان مستشارون من السوفيت والهند وبولونيا ضمن الجيش العراقي حسب الوثائق البريطانية، ولكن رغم ذلك تفوق القوات الكوردية، وهذا التفوق دفع الحكومة العراقية إلى الاعتراف بالشعب الكوردي وحقوقه ضمن الدولة، إلا أن  عدم التزام الحكومة بتنفيذ الاتفاقية والتنازل لشاه إيران عن جزء من الأراضي العراقية والشط، أدى إلى تجميد الثورة لفترة وجيزة.


‎كان الرئيس المصري خالد الذكر جمال عبدالناصر مؤيدا لحل القضية الكردية في العراق حلا سلميا وعدم استعمال القوة، وكانت هذه نقطة الخلاف بين ناصر والحكومة العراقية، فخلال فترة أربع سنوات عاشها العراق كانت من أجمل فترات تاريخه المعاصر رغم انتهاك الاتفاقية من الجانب الحكومي، إلا أن العراق عاش عصرا ذهبيا، واليوم علينا جميعا أخد العبر والدروس من هذه الاتفاقية وحل الخلافات القائمة بين بغداد وأربيل حسب الدستور وعدم السماح لأطراف خارجية بالتدخل بشؤون العراق الداخلية.


‎إن أفضل ما يمكن أن يقدمه الساسة في بغداد للشعب العراقي بناء دولة مؤسساتية فيدرالية والالتزام بالدستور، لأن الخلافات بين بغداد وأربيل تكون دوما عائقا لتقدم العراق وبناء مؤسسات مدنية، وبالنظر لكافة الأنظمة الفيدرالية الناجحة نجد أن احترام التنوع هو سر التعايش والتقدم والازدهار، أما حالة الاستبعاد وعدم الاعتراف بحقوق الشركاء في الوطن الواحد، إنما هي برهان استبداد وإقرار بالعدول عن شرعية دستورية ودعوة لفرقة بين أبناء البلد، وهو أمر ما كان للكورد أن يتبعونه أو يرضون عنه.


‎لقد ظل العراق منذ تأسيس الدولة على هذه التنويعة بلد أزمة بسبب فكر الحكومة المركزية التي لا تعترف بقومية وخصوصية الغير الشريك في الوطن الواحد، والكورد هكذا أهل وطن بعد أن كتب على إقليمهم القديم قسمة حدود سياسية استهدفت تشتيت عرقهم النقي وتوصيفهم على غير حقيقتهم كأقليات وما كانوا يوما هكذا، ويشهد التاريخ الإسلامي والوسيط على دورهم في خدمة شعوب المنطقة كافة، كما يشهد قادة عرب شرفاء أبرزهم المصري الراحل جمال عبد الناصر بحقهم في وطن قومي لعرق تجمعه لغة موحدة وثقافة وتاريخ واضحين للكافة، وهي صلب فكرة القومية العربية ذاتها التي نادى بها ذلك القائد الفذ الرافض للفرقة وإراقة الدماء، وهو أحد أهم دعاة السلام الأوائل بعد زوال زمن الاستعمار القديم.


author-img

جورنالجي أون لاين

تعليقات
    الاسمبريد إلكترونيرسالة